كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَبَهِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ لِغَيْرِهِمْ أَنْ وُجِدَ فِيهِمْ بَعْضُ مَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ مِمَّنْ شَابَهَهُمْ مِنَ الْكُسُورِ أَوِ الْجُرُوحِ أَوْ آثَارِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى تَعَسَّرَ تَمْيِيزُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ؛ وَلِذَلِكَ جَدَّ الْأَطِبَّاءُ فِي وَضْعِ مُمَيِّزَاتٍ لِأَشْخَاصِ الْبَشَرِ الْمُخْتَلِفِينَ. اهـ.
(الْوَجْهُ الثَّانِي): إِنَّ هَذِهِ الْحَادِثَةَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ الَّتِي أَيَّدَ اللهُ بِهَا نَبِيَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَنْقَذَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ، فَأَلْقَى شَبَهَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَغَيَّرَ شَكْلَهُ هُوَ، فَخَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. وَفِي أَنَاجِيلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ جُمَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ تُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهَا مِنْ قَبْلُ (مِنْهَا) قَوْلُهُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ يَشُكُّونَ فِيهِ يَوْمَئِذٍ (وَمِنْهَا): أَنَّهُ يَتَشَكَّلُ بِغَيْرِ شَكْلِهِ (وَمِنْهَا): أَنَّهُ طَلَبَ مِنَ اللهِ أَنْ يَعْبُرَ عَنْهُ هَذِهِ الْكَأْسَ أَيْ قَتْلَهُ وَصَلْبَهُ إِنْ أَمْكَنَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنَ الْمُمْكِنَاتِ الْخَاضِعَةِ لِمَشِيئَةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى اسْتِجَابَةِ اللهِ لِدُعَائِهِ بِقَوْلِ يُوحَنَّا حِكَايَةً عَنْهُ فِي سِيَاقِ قِصَّةِ الصَّلْبِ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ 16 وَلَكِنْ ثِقُوا أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ قَالَ هَذَا بَعْدَ إِخْبَارِهِمْ بِأَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ يَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، وَيَبْقَى وَحْدَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يَكُونُ مَعَهُ؛ أَيْ بِعَوْنِهِ وَحِفْظِهِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ مَتَّى (26: 56 حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلَامِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا) وَقَوْلُ مُرْقُسَ (14: فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا) فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ التَّلَامِيذَ كُلَّهُمْ هَرَبُوا حِينَ جَاءَ الْجُنْدُ لِيَقْبِضُوا عَلَى الْمَسِيحِ، فَلَمْ يَكُنِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَهُ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ هُنَالِكَ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اسْتِجَابَةِ اللهِ دَعَوَتَهُ بِأَنْ يُنْقِذَهُ، وَيَعْبُرَ عَنْهُ تِلْكَ الْكَأْسَ، عِبَارَةُ الْمَزْمُورِ (109) الَّتِي يَقُولُونَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَسِيحُ. وَهَذَا نَصُّهَا 26 أَعِنِّي يَا رَبِّ، إِلَهِي، خَلِّصْنِي حَسَبَ رَحْمَتِكَ 27، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ يَدُكَ، أَنْتَ يَا رَبِّ فَعَلَتْ هَذَا 28، أَمَّا هُمْ فَيُلْعَنُونَ وَأَمَّا أَنْتَ فَتُبَارِكُ، قَامُوا وَخُزُوا، أَمَّا عَبْدُكَ فَيَفْرَحُ 29 لِيَلْبَسَ خُصَمَائِي خَجَلًا، وَلْيَتَعَطَّفُوا بِخِزْيِهِمْ كَالرِّدَاءِ. أَحْمَدُ الرَّبَّ جِدًّا بِفَمِي وَفِي وَسَطِ كَثِيرِينَ أُسَبِّحُهُ 31 لِأَنَّهُ يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْمِسْكِينِ لِيُخَلِّصَهُ مِنَ الْقَاضِينَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَفِي الْعِبَارَاتِ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا عَلَى الْمَسِيحِ شَوَاهِدُ أُخْرَى بِمَعْنَى هَذَا.
(الشُّبْهَةُ السَّادِسَةُ) يَقُولُونَ: إِذَا كَانَ الْمَسِيحُ قَدْ نَجَا مِنْ أَعْدَائِهِ بِعِنَايَةٍ إِلَهِيَّةٍ خَاصَّةٍ، فَأَيْنَ ذَهَبَ؟ وَلِمَاذَا لَمْ يَقِفْ لَهُ أَحَدٌ عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَرٍ؟.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ لَا تَرِدُ عَلَى الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ رُفِعَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا تَرِدُ عَلَى الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللهَ تَوَفَّاهُ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، كَمَا رَفَعَ إِدْرِيسَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ: لَا غَرَابَةَ فِي الْأَمْرِ، فَإِنَّ أَخَاهُ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ بَيْنَ الْأُلُوفِ مِنْ قَوْمِهِ، الْخَاضِعِينَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَقَدِ انْفَرَدَ عَنْهُمْ، وَمَاتَ فِي مَكَانٍ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَكَيْفَ يُسْتَغْرَبُ أَنْ يَفِرَّ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ قَوْمٍ أَعْدَاءٍ لَهُ، لَا وَلِيَّ لَهُ فِيهِمْ وَلَا نَصَيْرَ إِلَّا أَفْرَادٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، قَدِ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَقْتَ الشِّدَّةِ وَأَنْكَرَهُ أَمْثَلُهُمْ (بُطْرُسْ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ لَا بِدْعَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى مَكَانٍ مَجْهُولٍ، وَمَاتَ فِيهِ كَمَا مَاتَ مُوسَى (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَلَمْ يَعْرِفْ قَبْرَهُ أَحَدٌ، كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي آخِرِ سِفْرِ (تَثْنِيَةِ الِاشْتِرَاعِ) مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ قَبْرَ الْمَسِيحِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَدِ اكْتُشِفَ فِي الْهِنْدِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُ بَعْضِ النَّصَارَى بِعَدَمِ مَوْتِ الْمَسِيحِ بِالصَّلْبِ رَوَوْا أَنَّ الْقَبْرَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ الْمَصْلُوبُ وُجِدَ فِي صَبَاحِ الْأَحَدِ خَالِيًا وَاللَّفَائِفُ مُلْقَاةٌ، وَأَنَّ الْيَهُودَ وَالْوَثَنِيِّينَ لَمَّا عَلِمُوا بِذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ الْجُثَّةَ سُرِقَتْ.
وَيُرْوَى عَنْ بَعْضِ الْمُدَقِّقِينَ مِنْ عُلَمَاءِ أُورُبَّةَ الْأَحْرَارِ وَكَذَا الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ الْمَسِيحِيِّينَ الْعَقْلِيِّينَ: أَنَّ الَّذِي صُلِبَ لَمْ يَمُتْ. بَلْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أُنْزِلَ وَلُفَّ بِاللَّفَائِفِ، وَوُضِعَ فِي ذَلِكَ، النَّاوُوسِ أَفَاقَ وَأَلْقَى اللَّفَائِفَ حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذِينَ رَفَعُوا الْحَجَرَ لِافْتِقَادِهِ خَرَجَ وَاخْتَفَى عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَا يَعْلَمَ بِهِ أَعْدَاؤُهُ. وَمِمَّا أَوْرَدُوا مِنَ التَّقْرِيبِ عَلَى هَذَا، أَنَّ الْمَصْلُوبَ لَمْ يُجْرَحْ مِنْهُ إِلَّا كَفَّاهُ وَرِجْلَاهُ، وَهِيَ لَيْسَتْ مِنَ الْمَقَاتِلِ وَلَمْ يَمْكُثْ مُعَلَّقًا إِلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ، وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عِدَّةَ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ لَمَّا جُرِحَ بِالْحَرْبَةِ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَمَاءٌ، وَالْمَيِّتُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ، بَلْ قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَلْبًا تَامًّا كَالْمُعْتَادِ فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ.
وَمِنَ النُّقُولِ الصَّرِيحَةِ بِشُيُوعِ هَذَا الرَّأْيِ مَا جَاءَ فِي (ص 563 مِنْ كِتَابِ ذَخِيرَةِ الْأَلْبَابِ فِي بَيَانِ الْكِتَابِ) وَهُوَ: فَلِلْكَفَرَةِ وَالْجَاحِدِينَ فِي تَكْذِيبِ تِلْكَ الْمُعْجِزَةِ مَذَاهِبُ شَتَّى... فَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَفَزَّتْهُمْ مَعَ بهردواك وَبُولِسْ غتلب حَمَاقَةُ الْجَهْلِ وَوَسَاوِسُ الْكُفْرِ إِلَى أَنْ قَالُوا: إِنَّ يَسُوعَ نَزَلَ عَنِ الصَّلِيبِ حَيًّا وَدُفِنَ فِي الْقَبْرِ حَيًّا.
وَقَالَ (فِي ص564 مِنْهُ): إِنَّ الْيَهُودَ وَالْوَثَنِيِّينَ وَهُمْ أَعْدَاءُ الْمَسِيحِ وَدِينِهِ الْحَقِّ قَدْ تَوَغَّلُوا فِي بَيْدَاءِ الْهَذَيَانِ وَتَمَادَوْا فِي إِغْوَاءِ ضُلَّالِهِمْ حَتَّى قَالُوا: إِنَّ تَلَامِيذَ يَسُوعَ رَفَعُوا جَسَدَهُ خِفْيَةً، وَعَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنَ الْحُرَّاسِ، وَبَثُّوا فِي الْقَوْمِ أَنَّهُ انْبَعَثَ حَيًّا، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ شَائِعًا عِنْدَ الْيَهُودِ حِينَ كَتَبَ الْقِدِّيسُ مَتَّى إِنْجِيلَهُ (عَدَدُ 15 مِنْ فَصْلِ 28 مِنْ مَتَّى). اهـ.
(الْقَوْلُ بِهِجْرَةِ الْمَسِيحِ إِلَى الْهِنْدِ) وَمَوْتِهِ فِي بَلْدَةِ (سَرَى نَكْرَا) فِي كَشْمِيرَ يُوجَدُ فِي بَلْدَةِ سَرَى نَكْرَا ونَقْرَ (وَالْهُنُودُ تَكْتُبُ نَكْرَ بِالْكَافِ الْمُفَخَّمَةِ، وَهِيَ كَالْجِيمِ الْمِصْرِيَّةِ) مَقْبَرَةٌ فِيهَا مَقَامٌ عَظِيمٌ يُقَالُ هُنَاكَ: إِنَّهُ مَقَامُ نَبِيٍّ جَاءَ بِلَادَ كَشْمِيرَ مِنْ زُهَاءِ أَلْفٍ وَتِسْعِمِائَةِ سَنَةٍ يُسَمَّى بوزآسف، وَيُقَالُ إِنَّهُ اسْمُهُ الْأَصْلِيُّ عِيسَى صَاحِبٌ (وَكَلِمَةُ صَاحِبٍ فِي الْهِنْدِ لَقَبُ تَعْظِيمٍ كَلَقَبِ أَفَنْدِيٍّ عِنْدَ التُّرْكِ وَمِسْتَرْ وَمِسْيُو عِنْدَ الْإِفْرِنْجِ) وَإِنَّهُ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ ابْنُ مَلِكٍ. وَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ مِمَّا يَتَنَاقَلُهُ أَهْلُ تِلْكَ الدِّيَارِ عَنْ سَلَفِهِمْ وَيُذْكَرُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِمْ، وَإِنَّ دُعَاةَ النَّصْرَانِيَّةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَسَعْهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ الْقَبْرَ لِأَحَدِ تَلَامِيذِ الْمَسِيحِ أَوْ رُسُلِهِ.
ذَكَرَ ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلِ غُلَامُ أَحْمَدَ الْقَادَيَانِيُّ الْهِنْدِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ (الْهُدَى وَالتَّبْصِرَةُ لِمَنْ يَرَى) وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ، وَأَنَّ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُوجَدُ فِي كِتَابٍ مَعْرُوفٍ هُنَاكَ اسْمُهُ (إِكْمَالُ الدِّينِ) وَذَكَرَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ الْقَبْرَ هُوَ قَبْرُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَرَسَمَ صُورَةَ الْمَقْبَرَةِ بِالْقَلَمِ، وَأَمَّا قَبْرُ الْمَسِيحِ فَوَضَعَهُ فِي الْكِتَابِ بِالرَّسْمِ الشَّمْسِيِّ (الْفُوتُوغْرَافِيِّ) مَكْتُوبًا عَلَيْهِ (مَقْبَرَةُ عِيسَى صَاحِبٍ).
وَغُلَامُ أَحْمَدَ هَذَا يُفَسِّرُ الْإِيوَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [23: 50].
بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْهِنْدِ وَاللُّجْأِ إِلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي كَشْمِيرَ، فَإِنَّ الْإِيوَاءَ يُسْتَعْمَلُ فِي مَقَامِ الْإِنْقَاذِ وَالتَّنْجِيَةِ مِنَ الْهَمِّ وَالْكَرْبِ وَالْمَصَائِبِ وَالْمَخَاوِفِ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [93: 6] وَقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ} [8: 26] وَقَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ وَلَدِ نُوحٍ: {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [11: 43] وَالرَّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَبِلَادُ كَشْمِيرَ مِنْ أَعْلَى بِلَادِ الدُّنْيَا، وَهِيَ ذَاتُ قَرَارٍ مَكِينٍ، وَمَاءٍ مَعِينٍ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الرَّبْوَةَ هِيَ رَمْلَةُ فِلَسْطِينَ أَوْ دِمَشْقَ الشَّامِ، وَلَوْ آوَى اللهُ الْمَسِيحَ وَأُمَّهُ إِلَيْهِمَا لَمَا خَفِيَ مَكَانُهُمَا فِيهِمَا، لاسيما إِذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مُحَاوَلَةِ صَلْبِهِ وَتَأَلُّبِ الْيَهُودِ عَلَيْهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْإِيوَاءِ الَّذِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي الْإِنْقَاذِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، كَمَا عُلِمَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} [8: 72] وَفِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [12: 69] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ} [12: 99] وَلَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَبْلَ تَأَلُّبِ الْيَهُودِ عَلَيْهِ وَالسَّعْيِ لِقَتْلِهِ وَصَلْبِهِ فِي مَخَافَةٍ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الْإِيوَاءِ فِي مَأْمَنٍ مِنْهُمْ، فَفِرَارُهُ إِلَى الْهِنْدِ وَمَوْتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا.
(الشُّبْهَةُ السَّابِعَةُ) يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَأْخُذُونَ بِقَوْلِ إِنْجِيلِ بِرْنَابَا وَغَيْرِهِ بِالْمَوْضُوعِ، وَأَقْوَالِ مُبْتَدَعَةِ النَّصَارَى الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ يَهُوذَا هُوَ الَّذِي صُلِبَ لَا الْمَسِيحُ مَعَ أَنَّ يَهُوذَا قَدِ انْتَحَرَ كَمَا ثَبَتَ فِي الْإِنْجِيلِ.
وَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ: اتَّفَقَتِ النَّصَارَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ يَهُوذَا الْإِسْخَرْيُوطِيَّ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَكَانَ يَهُوذَا رَجُلًا عَامِّيًّا مِنْ بَلْدَةٍ تُسَمَّى (خَرْيُوتَ) فِي أَرْضِ يَهُوذَا، تَبِعَ الْمَسِيحَ وَصَارَ مِنْ خَوَاصِّ أَتْبَاعِهِ الَّذِينَ يُلَقِّبُونَهُمْ بِالتَّلَامِيذِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَشَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ مَعَهُ فِي الْمَلَكُوتِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا، وَيَدِينُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ أَيْ يُحَاسِبُونَهُمْ فِي يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ يَهُوذَا كَانَ يُشْبِهُ الْمَسِيحَ فِي خَلْقِهِ، كَمَا نَقَلَ (جُورْجُ سَايِلْ) الْإِنْكِلِيزِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ لِلْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَعَزَا هَذَا الْقَوْلَ إِلَى (السِّيرْتِثِيِّينَ وَالْكَرْبُوكْرَاتِيِّينَ) مِنْ أَقْدَمِ فِرَقِ النَّصَارَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا صَلْبَ الْمَسِيحِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الَّذِي صُلِبَ هُوَ يَهُوذَا الَّذِي كَانَ يُشْبِهُهُ شَبَهًا تَامًّا.
وَقَالُوا: إِنَّ يَهُوذَا أَسِفَ وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ إِسْلَامِهِ الْمَسِيحَ إِلَى الْيَهُودِ حَتَّى حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى بَخْعِ نَفْسِهِ (الِانْتِحَارِ) فَذَهَبَ إِلَى حَقْلٍ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ فِيهِ (مَتَّى 27: 3- 10) أَوْ عَلَّقَهَا (أَعْمَالٌ 1: 18) وَغَرَضُنَا مِنْ هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ يَهُوذَا فُقِدَ بَعْدَ حَادِثَةِ الصَّلْبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْوُجُودِ، وَأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا هُوَ قَتْلُ نَفْسِهِ مِنَ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ، وَاخْتَلَفَ الرُّسُلُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانُوا مَعْصُومِينَ (؟) وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا فُقِدَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي صُلِبَ، وَالْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي نَجَّاهُ اللهُ تَعَالَى وَرَفَعَهُ، فَإِنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ انْفِعَالُهُ وَأَلَمُ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَبْخَعَ نَفْسَهُ بِيَدِهِ خَنْقًا أَوْ شَنْقًا لَا يُسْتَبْعَدُ مِنْهُ أَنْ يَبْسُلَهَا بِالِاسْتِسْلَامِ إِلَى مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَنْهُ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، فَمِنَ الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ يَهُوذَا عِنْدَمَا دَلَّ الْيَهُودَ عَلَى الْمَسِيحِ فِي اللَّيْلِ رَأَى بِعَيْنَيْهِ عِنَايَةَ اللهِ تَعَالَى بِإِنْجَائِهِ وَإِنْقَاذِهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ (كَمَا أَنْجَى أَخَاهُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَيْدِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَكَانُوا أَشَدَّ مَعْرِفَةً لَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْيَهُودِ لِلْمَسِيحِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى بَذْلِ الْمَالِ لِمَنْ يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ كَمَا بَذَلَتِ الْيَهُودُ ثَلَاثِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ لِيَهُوذَا. فَخَرَجَ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ مِنْ بَيْنِ الَّذِينَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ عِنْدَ دَارِهِ لِيَقْتُلُوهُ، وَلَمْ يُبْصِرُوهُ) فَلَمَّا رَأَى يَهُوذَا ذَلِكَ وَعَلِمَ دَرَجَةَ عِنَايَةِ اللهِ تَعَالَى بِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ عَظُمَ ذَنْبُهُ فِي نَفْسِهِ وَاسْتَسْلَمَ لِلْمَوْتِ لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُ ذَنْبَهُ كَمَا كَفَّرَ ذَنْبَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، فَأَخَذُوهُ وَصَلَبُوهُ مِنْ غَيْرِ مُقَاوِمَةٍ تُذْكَرُ. فَرِوَايَةُ الْإِنْجِيلِ وَسِفْرِ الْأَعْمَالِ عَنْ وِجْدَانِهِ مَخْنُوقًا أَوْ مَشْنُوقًا غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، وَقَدْ تَعَارَضَ الْقَوْلَانِ فَتَسَاقَطَا، وَوَجَبَ اعْتِمَادُ قَوْلِ بِرْنَابَا الَّذِي أَخَذَ بِهِ بَعْضُ قُدَمَاءِ النَّصَارَى.
وَإِذَا كَانَ إِيمَانُ يَهُوذَا قَوِيًّا إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ- دَرَجَةِ الِانْتِحَارِ وَالْبَخْعِ مِنْ أَلَمِ الذَّنْبِ- فَلَيْتَ شِعْرِي لِمَاذَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ حَتَّى ادَّعَوْا أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا، وَأَنَّ كُرْسِيَّهُ فِي الْمَلَكُوتِ سَيَبْقَى خَالِيًا، وَبِشَارَةُ الْمَسِيحِ لَهُ لَا تَكُونُ صَادِقَةً، وَلِمَاذَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ بُطْرُسَ الَّذِي أَنْكَرَ الْمَسِيحَ وَتَرَكَهُ، وَلَعَنَهُ الْمَسِيحُ فِي حَيَاتِهِ وَسَمَّاهُ شَيْطَانًا، عَلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ دُونَ تَوْبَةِ يَهُوذَا، وَمَا كَانَ يَهُوذَا إِلَّا مُتَمِّمًا لِذَرِيعَةِ الْفِدَاءِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الدِّينِ عِنْدَهُمْ؟
الشُّبْهَةُ الثَّامِنَةُ: يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ قَامَ مِنْ قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ وَظَهَرَ لِلنِّسَاءِ وَلِتَلَامِيذِهِ وَلِأُنَاسٍ آخَرِينَ، وَأَرَى بَعْضَهُمْ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ فِي جَسَدِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى قِيَامِهِ جَمِيعُ الْأَنَاجِيلِ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الَّذِي صُلِبَ غَيْرُهُ؟ وَنَقُولُ أَوَّلًا: إِنَّهُ لَا ثِقَةَ لَنَا بِرِوَايَةِ هَذِهِ الْأَنَاجِيلِ، وَبَيَّنَّا الدَّلَائِلَ عَلَى عَدَمِ الثِّقَةِ بِهَا بِالِاخْتِصَارِ، وَمِنْهَا تَعَارُضُهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنُبَيِّنُهَا هُنَا بِشَيْءٍ مِنَ التَّطْوِيلِ. وَثَانِيًا: إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى سَبَبٌ ثُمَّ تَوَسَّعَ الْقَوْمُ فِيهَا كَمَا هِيَ عَادَتُهُمْ فِي الرِّوَايَاتِ عَنِ الْعَجَائِبِ وَالْمُسْتَغْرَبَاتِ حَتَّى تَسَنَّى لَبِوُلِسَ وَمُرِيدِيهِ أَنْ يُفْرِغُوهَا فِي هَذَا الْقَالَبِ الَّذِي نَرَاهُ فِي كُتُبِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، وَسَتَرَى بَيَانَ هَذَا قَرِيبًا.
أَمَّا الْبَيَانُ الْأَوَّلُ: فَفِي إِنْجِيلِ مَتَّى أَنَّ مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةَ وَمَرْيَمَ الْأُخْرَى (أَيْ أُمَّ يَعْقُوبَ) جَاءَتَا وَقْتَ الْفَجْرِ لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ فَوَجَدَتَا الْمَلَكَ قَدْ دَحْرَجَ الْحَجْرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ يَسُوعَ قَامَ مِنْهُ وَسَبَقَ تَلَامِيذَهُ إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَهُ، فَذَهَبَتَا لِتُخْبِرَا التَّلَامِيذَ، فَلَاقَاهُمَا يَسُوعُ، وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ لَهُمَا كَمَا قَالَ الْمَلَكُ (رَاجِعْ 28 مَتَّى وَهُوَ الْفَصْلُ الْأَخِيرُ).
وَفِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ مُرْقُسَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ ثَلَاثًا، الثَّالِثَةُ سَالُومَةُ، وَأَنَّهُنَّ جِئْنَ الْقَبْرَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَأَنَّهُنَّ رَأَيْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا وَلَمْ يَقُلْ كَمَتَّى: إِنَّ الْمَلَكَ كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهِ، بَلْ قَالَ: إِنَّهُنَّ وَجَدْنَ فِي الْقَبْرِ شَابًّا عَنِ الْيَمِينِ، وَإِنَّهُ قَالَ لَهُنَّ: اذْهَبْنَ، وَقُلْنَ لِتَلَامِيذِهِ، وَلِبُطْرُسَ إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ فَزَادَ عَطْفَ بُطَرُسَ عَلَى التَّلَامِيذِ، وَقَالَ: إِنَّهُنَّ هَرَبْنَ وَلَمْ يَقُلْنَ لِأَحَدٍ شَيْئًا؛ إِذْ أَخَذَتْهُنَّ الرِّعْدَةُ وَالْحَيْرَةُ وَكُنَّ خَائِفَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ ظَهَرَ أَوَّلًا لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ (أَيْ دُونَ مَنْ كَانَ مَعَهَا خِلَافًا لِمَتَّى) فَذَهَبَتْ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَلَمْ يُصَدِّقُوا، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لِاثْنَيْنِ وَهُمَا مُنْطَلِقَانِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ فَلَمْ يُصَدِّقُوا (14) أَخِيرًا ظَهَرَ لِلْأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ، وَهَذَا مِمَّا زَادَهُ عَلَى مَتَّى.